في وقتنا هاذا تعتمد
البحوث والمجهودات البحثية في مجال الصحة العامة على الحاسوب والخوارزميات التي
يعتمد عليها الذكاء الإصطناعي بشكل كبير، فهذه التقنية تجعلها تحاكى القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، فالحاسوب هو الأداة
الأولى للبحث العلمي، فقد تنبأ الغلماء بانتشار الأمراض حول العالم مثل مرض فيروس
كورونا الجديد COVID-19 ، ففي الأيام الأولى
للمرض كانت هناك معلومات قليلة حول هذا الفايروس، فلجأ الباحثون إلى النماذج
الرياضية والخوارزميات الحاسوبية التي يمكن من خلالها توقع تصرفات الأشخاص
المصابين مثل الأماكن المحتمل الذهاب إليها واحتمالية انتشار الوباء في هذه
الأماكن.
ومن خلال القدرات الحوسبية الحديثة، يستطيع
الباحثون سريعًا تضمين مدخلاتٍ متعددةٍ في هذه النماذج، مثل قدرة مرضٍ معين على
الانتقال من إنسانٍ إلى آخر، وأنماط الحركة الخاصة بالمسافرين جوًّا وبرًّا من بين
الأشخاص المحتمل إصابتهم بالمرض. وتتضمن هذه العملية أحيانًا وضع افتراضاتٍ بشأن
عوامل مجهولة، مثل الأنماط الدقيقة لسفر الأفراد. لكن من خلال إدخال نسخٍ مختلفة
محتملة من كل مُدخَل في هذه النماذج، يستطيع الباحثون تحديثها مع توافر أي
معلوماتٍ جديدة، ومقارنة نتائجهم بالأنماط الملاحَظة لانتشار المرض. على سبيل
المثال، إذا أراد الباحثون دراسة التأثير المحتمل لإغلاق مطارٍ معين على انتشار
مرضٍ ما حول العالم، تستطيع الحواسيب التي يستخدمونها أن تعيد سريعًا حساب
احتمالية ورود الحالات عبر المطارات الأخرى، وكل ما يحتاج البشر إلى فعله هو تحديث
شبكة خطوط الطيران وأنماط السفر الدولية.
دخل الذكاء الإصطناعى كحل سحرى وضرورة حتمية،
معضدا لذكاء الإنسان فى حلبة صراعه مع ذكاء فيروس الكورونا المستجد، والذى يتجلى
فى الحفاظ على نوعه وانتشاره رغم عدم قدرته على الحركة والتكاثر دون وجود عائل
يستعمر خلاياه ويأمره بصناعة بروتين خلوى يضاهى تركيبه الوراثى (الجيني) واللازم
لتكاثره، والذى يعجز هو نفسه عن تكوينه.
اللجوء لاستخدام كاميرات تعمل بالأشعة فوق
البنفسجية، وتكنولوجيا التعرف على الوجوه، وكذلك استخدام الإنسان الآلى أو
الروبوتات والطائرات المسيرة، من أبرز الأدوات التى بات لاستخدامها أهمية متزايدة
فى محاولات الإفلات من براثن هذا الفيروس الذى أثار القلق والرعب فى العالم، حيث
تعد الوسيلة الأكثر فاعلية وأمانا من الطرق التقليدية، ويمكن الاعتماد عليها فى
الأعمال الشاقة والخطيرة التى يجب على البشر الابتعاد عنها وتجنبها.
وقد تم استخدام أكثر من 30 روبوت للتطهير فى
أجنحة العزل، ووحدات العناية المركزة وغرف العمليات وعيادات الحمى فى المستشفيات
الرئيسية التى تستقبل مصابى الفيروس لتوفير خدمة التطهير على مدار الساعة، ولإجراء
أشكال متعددة من التطهير فى البيئات التى يعيش فيها البشر والآلات.
ويعتمد الإنسان الآلى فى مهمته على بخاخ موضوع
على رأسه يحتوى على مادة "بيروكسيد الهيدروجين"، وعدد من المصابيح فى
بطنه تصدر الأشعة فوق البنفسجية، ويستخدم أحد الروبوتات المزود بشاشة تفاعلية فى
تقديم توجيهات التشخيص وترويج المعرفة للمرضى بشأن الوقاية من الوباء فى صالات المستشفيات.
فيما تقوم الطائرات المسيرة التى تعتمد على
الذكاء الإصطناعي، والمزودة بعدسة تصوير حرارى وتعمل بالأشعة تحت الحمراء ومكبر
صوت، باكتشاف الأشخاص المصابين بارتفاع فى درجة حرارة أجسامهم على مسافة معينة،
فضلا عن بث رسائل عن التدابير الوقائية للسكان، والقيام بدوريات فى القرى والطرق
الحضرية للتحقق من أى سلوك قد يسهم فى انتشار الفيروس، مثل عدم ارتداء الأقنعة فى
الأماكن العامة والمزدحمة.